بعد عامين من التحضير، ورغم التردد الذي بات يغلب على توجهات السوريين حيال فكرة تأسيس الأحزاب، نتيجة الفشل الذي طبع معظم التجارب السابقة، إلا أن الهيئة التأسيسية ل”الحزب السوري الديمقراطي الاجتماعي” تبدو واثقة من قدرتها على تقديم نموذج مختلف، ما دفعها للإعلان عن إطلاق الحزب.
الأهداف والبرنامج
عقد الحزب مؤتمره التأسيسي في العاصمة الفرنسية باريس يوم السبت، وأقرّ المؤتمر الوثائق الأساسية والبرنامج السياسي والنظام الداخلي، كما تم انتخاب قيادة للحزب ولايتها سنتين.
مرحلة التأسيس شهدت خمسة مؤتمرات تحضيرية في عدد من المدن الأوروبية، خصصت لصياغة الوثيقة السياسية التي تتألف من تعريف بالحزب والمبادئ والقيم ووسائل وأساليب العمل والبرنامج السياسي للسنوات العشر القادمة.
يُعرّف الحزب السوري الديمقراطي الاجتماعي نفسه بأنه “حزب سياسي شعبي يضم سوريين في جميع أنحاء العالم، ويسعى إلى إنهاء حالة الديكتاتورية في سوريا والانتقال إلى نظام سياسي ديمقراطي تعددي”.
أما برنامج الحزب السياسي الأول، الذي أطلق عليه اسم “برنامج ما بعد الديكتاتورية”، وهو يمتد إلى عشر سنوات، فيؤكد في أول بنوده على أنه ككيان سياسي “سيواصل العمل مع الشعب السوري وقواه المختلفة، على إسقاط النظام الديكتاتوري وإقامة نظام ديمقراطي تعددي وفق القرار الأممي 2254”.
دوافع التأسيس
أحمد البحري، الرئيس المنتخب للحزب، أكد أن الحاجة لتشكيل جسم سياسي سوري ينتجه ويقوده السوريون الذين خاضوا النضال الثوري، واكتسبوا الخبرة السياسية والتنظيمية، هي أبرز دوافع تأسيسه.
ويقول في تصريح ل”المدن”: “من الميزات أو المعايير التي وضعناها كأولوية في اختيار الهيئة التأسيسية، أن يكون الأعضاء مشاركون في العمل الديمقراطي والسياسي، أو تدربوا على ذلك ضمن إطار المؤسسات الأكاديمية أو السياسية الأوروبية ومنظمات المجتمع المدني، التي كونت لديهم نوعاً من الصقل للعمل السياسي الواعي، وكان التركيز منذ بداية العمل على فئة الشباب الذين مازال لديهم الحماس لبناء وطن وفق معايير حديثة”.
لماذا أوروبا؟
مسألة تأسيس الحزب بشكل كامل في دول المهجر، وتحديداً بين صفوف اللاجئين السوريين في دول الاتحاد الأوربي كانت محل جدل، فبينما انتقدها البعض، عبر آخرون عن تأييدهم لها.
لكن البحري اعتبر أن اختيار دول الاتحاد الأوروبي كنقطة انطلاق للحزب “يوفر له حرية أكبر، ويجنبه أي ضغوط أو تدخلات يمكن أن يواجهها في دول الجوار أو الداخل حالياً”.
ويقول: “السوريون الموجودون في أوروبا لديهم مساحة أكبر من الحرية في ممارسة العمل السياسي، كما أن الكثيرين منهم انخرط في تجارب سياسية كونت لديهم الخبرة، إضافة الى وجود عدد كبير من السوريين في دول الاتحاد الأوروبي، يقدر عددهم بنحو مليوني شخص، لكن نحن عازمون في المرحلة التالية على الانتقال إلى الداخل السوري ودول الجوار”.
يذكر أن المؤتمر التأسيسي انتخب رئيساً للحزب ونائباً للرئيس، ومكتباً سياسياً، إلى جانب لجنة تحكيم داخلية.
وبالإضافة إلى اختيار البحري رئيساً للحزب، انتخبت نغم العيسمي نائباً للرئيس، بالإضافة إلى رؤساء ستة مكاتب رئيسية مثل مكتب التنظيم، ومكتب الاعلام، ومكتب العلاقات العامة، بالإضافة إلى المكتب السياسي الذي ضم كل من عبد الناصر العايد، ومحمد سبسبي، ومحمد حسان، وسامر فهد.
شهدت الساحة السورية المعارضة على مدار السنوات العشر الماضية تشكيل عدد كبير من الأحزاب والتنظيمات السياسية، لكن أغلبها لم يكتب له النجاح، فاندثر بعضها بينما انحسر بعضها الآخر، الأمر الذي يأخذه مؤسسو الحزب الجديد بعين الاعتبار على ما يبدو، مع بقاء تخطي المرحلة الأولى هاجساً أساسياً بالنسبة لهم، بسبب فشل التجارب السابقة في تجاوز عتبتها، فهل ستكون هذه التجربة مختلفة؟